الشعب الروماني: أمة دافئة

ملاذ المصري

شعبٌ دافئ، ربما هي صفةٌ معروفةٌ عنهم، لكن قد يذهلك مدى التشابه بين خصائصِ هذا الشعب والعرب. يسرف الرومانييون في تعبيرهم عن محبّتهم للشمس والجوّ الدافىء، قد تقول لي، لكن من لا يحبّ الشمس.. معظم الناس يحبون الشمس!، لكن أشقائُنا الرومان يبالغون في ذلك، فاليومُ الجميل عندهم هو يومٌ مشمس، ويوم العطلة يجب ان يكون مشمسا، وإلا فلا نفعَ في عطلةٍ. وكلُّ كلُّ الحسرةِ إن ضاع يومٌ مشمس من ايام الشتاء البارد في العمل بدلاً من التنزه خارجاً

قد أكون بالغت في إعطاء هذا الأمر الجلل هذه الاهمية، لكني كنت منذهلا من كثرة ذكر السماء الصافية والشمس على السنتهم، اتذكر انهم كانوا يحاولون ان يهيؤوني نفسيا لصدمة الجو البارد في الشتاء في اول سنةٍ لي هنا. وكانوا يحسدوني على طقس وطني الأمّ.  طقسهم مشمسٌ في الصيف، باردٌ في الشتاء، زاهٍ في الربيع، أصفرٌ في الخريف.. في هذا البلد تعيش كل فصلٍ من الفصول الأربعة بكل إشراقٍ وضوح فاقع.

دعوني أعد إلى نقطتي الأولى بأنهم شعبٌ دافىء، فهي تختصر من الخصل الكثير مما يتمتع به هذا الشعب، عاكساً بعضاً من صفاتنا الحميدة التي يتميز بها العرب، ولعلّ أبرزُها حبهم لتقديم يدِ المساعدة للغريب.. وقدرتهم عل تقديم الوجه البشوش بكل عفوية حين تسألهم عن مكان ما او وجهةٍ ما أثناء تنزّهك في أزقّتهم، فلديهم من البساطة والعفوية ما يشعرك بالقرب منهم، والراحة في التعامل.

شعبٌ يحب الحياة. أتذكر ذهولي من فضولهم لي وكيف يبدو وطني، وما هي الامور التي اعتدّت ان اقوم بها هناك لتمضية وقتي. اتذكر ردة فعلهم الصاعقة حين سمعوني أتكلم العربية لأولّ مرة  دعوت بعضا من اصدقائي ذات يوم لشرب القهوة العربية التي كنت قد أحضرتها معي من وطني وكانت مخلوطة بالهال، وحين سألتهم عن رأيهم، “أفضل قهوة أتذوقها في حياتي”. لا أعلم إن كانوا حقا أحبوا القهوة بدون أي تحيّز، أو أنهم شعب لطيف إلى حدٍّ كبير وفضولي لأي ثقافة أخرى، وأميل إلى تصديق الأخير. فصديقي بعدها ببضع سنين أصبح يشتري حبوب الهال ويأكلها بين الحينة والاخرى كما هي ويعبر عن فخره أمامي

القهوة شرابٌ أساسي في صباح الرومانيّ، والقهوة العربية أو التركية تعتبر الأكثر رقيّا لديهم. تعتبر أغنية “حبيبي يانور العين” لعمرو دياب، الأغنية العربية المفضلة لهم والأكثر شهرة، بل وتشاهدُ على قنواتهم نسخة رومانية من الاغنية. نعم يبدو أن طراز الفلامنغو في اللحن والإيقاع هو النمط المفضل لديهم. لأكون موضوعياً، ثقافتهم تختلف عن ثقافتنا العربية، لكن خصائصها أقربها للبيئة العربية منها الى بيئة دول أوروبا الغربية

%d bloggers like this: